الجمعة، 28 أكتوبر 2022

الرياضة عند العرب عبر التاريخ

 

الرياضة


عرف العرب الرياضة ومارسوها في غالب تاريخهم، إذ كانت جزءا من طبيعة حياتهم، القائمة على الحركة وكثرة السعي، الذي يفرضه العيش في البوادي، وهي حياة تتطلب حركة دؤوبة مستمرة، وإجادة لرياضات، مثل: المشي، وركوب الخيل والإبل، والركض، والمبارزة، والصيد. ومن ناحية أخرى كانت الرياضة حاضرة في أغلب الدول التي عرفها التاريخ الإسلامي، إذ كانت جزءا من التأهب للقتال، فقد  كانت تلك الدول في حالة صراع شبه دائم مع الامبراطوريات والممالك المجاورة، وهو ما فرض ألا يتوقف الجند عن ممارسة الرياضة لابقاء حالة التأهب دائمة، كما كانت جزءا من الترفية في قصور الأمراء والحكام.

رأى الكثير من العلماء والفلاسفة المسلمون أن الرياضة وسيلة تربوية مهمة، فالامام أبو حامد الغزالي، جعلها وسيلة لنقل النفس والسلوك من الأخلاق السيئة والرذائل إلى الأخلاق الحسنة، فجاء في كتابه “إحياء علوم الدين” : “من لطائف الرياضة، إذا كان المريد لا يسخو بترك الرعونة رأساً أو بترك صفة أخرى، ولم يسمح بضدها دفعة؛ فينبغي أن ينقله  أي المرشد من الخلق المذموم إلى خلق مذموم آخر أخف منه؛ كالذي يغسل الدم بالبول، ثم يغسل البول بالماء، إذا كان الماء لا يزيل الدم، وكما يُرغب الصبي في المكتب باللعب بالكرة والصولجان وما أشبهه، ثم ينقل من اللعب إلى الزينة وفاخر الثياب، ثم ينقل من ذلك بالترغيب في الرياسة وطلب الجاه، ثم ينقل من الجاه بالترغيب في الآخرة “.

أما أديب العربية “الجاحظ” في كتاب الفريد التاج في أخلاق الملوك فرأى أن ممارسة الرياضة شرطا ضروريا في ندماء الملك، فقال:” ولندماء الملك وبطانته خلال يساوون فيها الملك ضرورة، ليس فيها نقص على الملك، ولا ضعة في الملك، منها: اللعب بالكرة، وطلب الصيد، والرمي في الأغراض، واللعب بالشطرنج، وما أشبه ذلك”، بل جعلها بابا لتحقيق العدل مع الحاكم نفسه، وليس وسيلة للنفاق أو الإذلال، فقال: “ومن الحق على الملك أن لا يمنع مُلاعبه ما يجب له من طلب النصفة في هذه الأقسام التي عددنا، ومن حق المُلاعب له المشاحة والمطالبة والمساواة والممانعة، وترك الإغضاء والأخذ من الحق بأقصى حدوده؛ غير أن ذلك لا يكون معه بذاء ولا كلام رفثٍ ولا معارضة بما يزيل حق الملك، ولا صياح يعلو كلامه، ولا نخير ولا قذف ولا ماهو خارج عن ميزان العدل ثم يقول ومن حق الرجل على الملك، إذا ضرب معه بالكرة، أن يتقدم بدابته على دابة الملك، وصولجانه على صولجان الملك، وأن يعمل جهده في أن لا يبخس حظه ولا يفتر في مسابقة ولا مراكضة ولا التفاف كرة ولا سبق إلى حد ونهاية وما أشبه ذلك



0 Comments: