على الرغم من وجودها على قائمة “البلدان الأكثر أمانًا” خلال جائحة (كوفيد-19)؛ فإن المزيج الخاص من التدابير التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة لمكافحة الفيروس لم يحظ حتى الآن إلا باهتمام قليل. وقد يرجع ذلك جزئيًّا إلى عدم وجود ما يهدد أو يبعث على عدم الاطمئنان بشكل واضح بخصوص الحالة هناك؛ فالإمارات لديها معدل إصابات ووفيات منخفض بشكل ملحوظ، لكنها تصرفت وفقًا لأفضل الممارسات العالمية.
وعندما يتعافى العالم من أزمة (كوفيد-19) وتتم دراسة استجابات البلدان لما حققته من أداء جيد، وما لم تحقق، فإن نهج الإمارات سيكون على الأرجح إحدى الحالات الأكثر إثارة للاهتمام؛ لأنه من وراء الكواليس تمكن من الموازنة بين المصالح المتعددة، المحلية والإقليمية والعالمية.
ومع تطور أزمة كورونا، فإن العامل الوحيد الذي يبدو أنه يقود نهج الإمارات أكثر من أي عامل آخر هو درجة اندماجها العالية، وبشكل غير تقليدي مع الاقتصاد العالمي، وكونها دولة غنية بالنفط، نجحت الإمارات على مدى السنوات الـ50 الماضية في تحويل نفسها من موقع إقليمي هادئ نسبيًّا إلى مركز عالمي لا غنى عنه، وذلك استنادًا إلى قدرتها على التنبؤ بالاحتياجات اللوجستية العالمية وسدها بسرعة أكبر وأفضل من أية جهة أخرى.
خطوات استباقية
وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أُولى الدول التي دقَّت ناقوس الخطر بشأن فيروس (كوفيد-19). ففي 26 يناير الماضي، أعلن مسؤولون إماراتيون رفيعو المستوى أنهم “يتابعون عن كثب جهود الحكومة الصينية لاحتواء انتشار فيروس كورونا”، وأنهم على استعداد لتقديم الدعم. ولا شك أن الإمارات تتبادل بالفعل المعلومات مع نظرائها الآسيويين في الصين، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية؛ بشأن كيفية إدارة الموقف. ومنذ ذلك الحين، يقدم جميع تلك البلدان دروسًا أساسية بشأن كيفية التعامل مع الوباء.
وفي الشهرين التاليين، قامت الإمارات العربية المتحدة ومركزها التجاري في دبي بتشغيل بوابات الفحص بشكل مطرد، وعملت وفقًا للمبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية؛ فقامت بتعليق التأشيرات السياحية، وفرض الحجر الصحي الإلزامي على الوافدين إلى البلد، ثم فرضت قيودًا على دخول المقيمين، مع الاستمرار في السماح برحلات العبور إلى بلدان أخرى، قبل إغلاق كل حركة نقل الركاب في الثالث والعشرين من مارس الماضي.
وكان من أهم الإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات إجراء اختبارات مبكرة وواسعة النطاق للكشف عن الفيروس؛ حيث تصدرت الإمارات في هذا الصدد قمة البلدان في الاختبارات طبقًا لكل مليون نسمة منذ بداية الأزمة. وقد تبين أن الاختبار المقترن بالتتبع الدقيق لأولئك الذين خالطوا مصابين بالعدوى، هو أحد أكثر الوسائل فعالية للسيطرة على الانتشار. وقد قامت مؤخرًا بتوسيع تلك الجهود، ففتحت مرفقًا في العاصمة لديه القدرة على اختبار عشرات الآلاف من الناس يوميًّا.
0 Comments: