الثلاثاء، 16 يونيو 2020

اردوغان وحلم السيطرة على ليبيا



مرّة أخرى إذاً؛ اتخذت الحرب بُعداً دولياً في ليبيا، وعندئذ قررت تركيا مواصلة الدفاع عن مصالحها الاقتصادية، وعن وجود مواطنيها المنبثقين عن الماضي العثماني في هذه الأرض.ما تزال تركيا، الحاضرة تاريخياً في طرابلس، تُركّز في أعقاب سقوط القذافي، على جميع مواطنيها وأنشطتها الاقتصادية في هذه المنطقة الغربية من ليبيا، الواقعة في قبضة الميليشيات، وتطوّر فروعاً قريبة من داعش، خاصة في مدينتي مصراتة وسرت.
عام 2016؛ قرّر المجتمع الدولي دعم إنشاء حكومة وحدة وطنية معترف بها من قبل كلّ من طرابلس وطبرق، وقادرة على محاربة داعش وحركة الهجرة.
انطلاقاً من تونس، وبدعم من الولايات المتحدة  وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وألمانيا، فرض هذا التحالف، بقيادة فايز السراج، بصعوبة أخيراً، في طرابلس وجميع أنحاء غرب البلاد، ولكنّه يعاني من أجل السيطرة على الجيوب المتمردة وعلى الجهاديين في مصراتة ثم سرت، رغم المساعدات العسكرية الغربية.
هذا الضعف دفع مرّة أخرى المجلس التشريعي، الذي ما يزال لاجئاً في طبرق، إلى تأجيل تصويته على الثقة بحكومة الاتحاد الوطني ورفضه أخيراً، بعد إصدار تشريعه الخاص به، وسكّ عملته الخاصة، بقيادة المشير حفتر.
لكراغلة الأتراك يدعمون السراج
فيما يواصل تنظيم داعش تعزيز قوّته، من خلال توسيع نطاق وجوده في جميع أنحاء خليج سرت، قررت مدينة مصراتة، المعقل الرئيس لـ "الكراغلة" الأتراك، بدعم من تركيا، في النهاية، الاعتراف بقوة فايز السراج، مقابل الحصول على مناصب حكومية، وبعد تعزيز هذا التجمع، المدعوم من القوات الخاصة البريطانية على أرض الواقع، تمكّن التحالف أخيراً من استعادة مدينة سرت، التي يأمل في أن يستأنف منها استغلال وبيع النفط من خلال البحر المتوسط، مع طرد الجهاديين نحو الأراضي.
التدخل الجاري يتضح من خلال وجود المعدات والمستشارين العسكريين الأتراك إلى جانب القوات العسكرية الموالية لفايز السراج، ويجعل من ليبيا مثالاً جديداً للحرب بالوكالة، في هذا الجزء من العالم. ويشير هذا النوع من الصراع إلى حرب تبدو في ظاهرها حرباً أهلية بين الفصائل من نفس البلد على أراضيها الوطنية، ولكنّها تطيع في الواقع المصالح الخاصة للقوى الأجنبية التي تمول وتسلح وتدعم كل هذه الفصائل المتصارعة، وشوهد هذا النوع من الصراع خلال الحرب الباردة مع حروب كوريا (1950-1953)، وفيتنام (1955-1975)، وأفغانستان (1979-1989).
القوة العسكرية التركية إلى جانب حكومة طرابلس تغيّر المعطيات
وهكذا، ففي ليبيا، ليست القبائل في الصحراء الجنوبية هي التي تواجه المليشيات الموالية لائتلاف فايز السراج، التي تواجه هي نفسها قوات الجيش الوطني الليبي، ولكن بطريقة ما مجموع القوى الأجنبية التي تدعم هذه المعسكرات التي تحاول إضعاف بعضها من خلال هذا الصدام؛ فإذا كان الإجماع الدولي الذي بدا سائداً لبضعة أسابيع حول معسكر المشير حفتر قد استطاع أن يُنكِر هذا التوجه الحالي للعلاقات الدولية، فإنّ الحقيقة هي أن فرض القوة العسكرية التركية إلى جانب حكومة الاتحاد الوطني في طرابلس قد غيّر المعطيات، كما دفع القوى الأخرى إلى الكشف عن أهمية دورها في الصراع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق